الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة بقلم الأستاذ عميرة عليّه الصغيّر: "أي تراث يتوجّب احياؤه؟"

نشر في  28 أفريل 2024  (21:58)

بقلم: الأستاذ عميره عليّه الصغيّر

 أولا ماهو التراث؟ هو ببساطة كل ما توارثته الأجيال الحاضرة عن ماضيها من مادي واللامادي، من الفنون الى فن العمارة مرورا بحرث الأرض وزواج البشر ودفن الموتى...بعبارة أخرى كل ما يكون فرادة مجتمع ما. لكن السؤال هل كل ما نتوارثه مكون لشخصيتنا الجمعيّة يجب ان نحافظ عليه ونحييه وحتى نعلّمه لأبنائنا؟

لنرفع التباسا ، ربما يسقط فيه البعض ، العلوم الإنسانية ومنها علم التراث والأنتربولوجيا ليس فقط من حقها دراسة كل مكونات التراث بمقاربات علمية بل من واجبها أيضا. أين الإشكال اذن؟

الإشكال هو أن المجتمعات التي تريد أن ترتقي يتوجب عليها تصفية ما توارثته وازاحة "الضار" منها والتخلص منه وحتى منعه لأنه يعرقل مسيرتها في التقدّم. وهذا ما فعلته دولة الإستقلال ، على الأقل في العشريتين الأوليتين من الاستقلال ، اذ حاربت الدولة و كل هياكلها الطرق الصوفية وتفّهت شيوخها الذين كانت السلط الاستعمارية تحظاهم و تستعملهم وضيقت عليها وحلّت أحباسها وكثير من زواياها أضحت دور شعب سياسية للحزب او مستوصفات ، و شنت وسائل الاعلام علاوة على المدرسة حملات مدروسة ضد الدروشة والثقافة القدريّة و"الاستسلام للمكتوب " وكرامات الأولياء "الصالحين" والمجذوبين والدراويش وحتى المعاقين ذهنيا ، فثقافة البندير والتوسل بالأولياء والتمرغ على تراب اضرحتهم والابتهال لهم لقضاء الحاجات واستحضار معجم الجنون والشياطين والملائكة والكرامات والسحر والرقيات والحروزات و "الحجابات"والرؤية والبخور والجاوي والحبة السوداء...
 
لكن و للأسف عادت تلك الثقافة و بقوة واستثمر فيها المتربّحون وفتحت لهم المسارح والاذاعات وحتى المؤسسات التعليمية...لكي لا نتُّهم بضرب الفنون أو معاداتها ، فاننا نعتقد ان هناك تظاهرات صوفية تتجلى فيها أورادا و أحزابا روحانيات رفيعة و موسيقات وحتى رقصات تتحد فيها الأجسام و الروح، بعيدة عن الإبتذال و الخرافة ، لكنها قليلة و لنلتفت مثلا الى ما ينجزه فنانو فضاءات أخرى إسلامية آسيوية في هذا الموضوع لنقتنع بأن الموروث" الروحي" يمكن هو ايضا ان يتطور ويرتقي على شرط من له الموهبة و المعرفة .